أن تعمل حتى تنتحر هو ما يعرف في اليابان بظاهرة الكاروشي – إدمان العمل – وهي متلازمة نفسية تصيب عدداً ليس بالقليل من الناس. وتعني هذه الكلمة بالترجمة اللفظية اليابانية «الموت من إرهاق العمل» أو «العمل حتى الموت»، وظهرت لأول مرة في ستينيات القرن الماضي عندما توفي عامل في شركة شحن يابانية جراء جلطة دماغية ناتجة عن العمل المتواصل لأكثر من 16 ساعة يومياً، الأمر غير متعلق باليابان فقط، الصين أيضاً تفقد ما يعادل الـ 600 ألف شحص سنوياً
هل تصنف نفسك مدمن للعمل؟
من خلال وسائل التواصل الإجتماعية الخاصة بجوبزيلا سألنا متابعونا في إستطلاع للرأي إذا كانوا يعتبرون أنفسهم مدمنين للعمل. وكانت النتيجة أن 62% يعتبرون أنفسهم مدمنين للعمل بينما نسبة 38% لا يعتبرون أنفسهم مدمنين للعمل.
تقول أ.ع وتعمل أخصائية إعلام إجتماعي سابقاً في واحدة من أكبر وكالات الدعايا والإعلان في مصر
لمدة خمس سنين كنت بشتغل يوميا من 9 ص لـ 9 م وفي الويك إند من 10 ص لـ 10 م. حتى أثناء مشاويري وفي المواصلات كنت بشتغل
أ.ع متعافية من إدمان العمل
أوضحت أ.ع لم تلاحظ أبداً انها تعاني أو لديها مشكلة ما. كما أنها لما تلاحظ مشاكل عدم التركيز وضعف الإنتاجية رغم ساعات العمل الطويلة، ولكن مديرتها لحسن الحظ شعرت بذلك وتحدثت معها وفرضت عليها العمل فقط أثناء ساعات العمل المحددة من 9 ص لـ 5 م.
ساعتها اتلخبطت قوي، هعمل ايه في كل الوقت الفاضي دة! أنا تايهة ومعرفش هو المفروض الناس تعمل ايه بعد الشغل، لحد ما بدأت خلال أسبوعين أعيد إستكشاف الحياة من جديد
أ.ع متعافية من إدمان العمل
أكبر مشكلة تواجه مدمن العمل هو عدم إدراكه أن إدمان العمل يعد مشكلة في الأساس لها عواقب وخيمة على حياته اليومية. أن تكون حياتك “متكهربة” هو شعور قاسي وغير مريح ولا تتعجب من إصابتك بإضطرابات النوم أو مشاكل القاولون العصبي إذا كنت مدمنًا على العمل.
ما الذي يدفعك لإدمان العمل؟
هناك أربعة دوافع لإدمان العمل أسباب مختلفة تقودك نحو العمل بكثرة. لكنها تؤدي جميعها إلى نفس النتائج السيئة التي بدورها سوف تدمر حياتك!
- تحفيزية
- عاطفية
- إدراكية
- سلوكية
قد يعتقد المدمنين على العمل أن الإستمرار في العمل قد يكون بسبب حافز لديهم لتقديم أفضل ما عندهم وتحقيق أهدافهم سريعا، والبعض الآخر قد يدفعه للعمل أسباب عاطفية فهو دائم الإحساس بالتقصير والذنب ويعتقد دومًا أن عليه أن يعمل بشكل أكبر وومكثف أكثر من أجل الشركة واستقرار الشركة. والبعض يعاني بسبب مشاكل إدراكية وسلوكية تجعله يعتقد أن كلما عملت أكثر كلما إزدت كفاءة.
أ.س شابة تعمل في مجال الإعلام وتصل ساعات عملها في أحد الفترات الى 20 ساعة يوميًأ، تعتقد أن ما تقوم به من إرهاق بدني وذهني لها هو طبيعي وشائع نتيجة حبها لعملها وتركيزها الشديد فيه. الكل يلاحظ وينصح “مش كفاية شغل كدة؟” ولكنها تستمر حتى تشعر بالرضا عن نفسها. ومع ذلك تعاني من الكثير من المشكلات التي لاحظتها مؤخرًا على نفسها فتقول:
مبلاقيش متعه فى الخروج للأسف. ممكن السفر لو مش هيعطلنى عن شغلى طبعا فى انطوائيه و قلة كلام مع الناس بوصل بس لنقطة انفجار فى الكلام ممكن تخلينى اتكلم يومين ورا بعض اقول اللى كنت حاسه بيه الفتره اللى قبلها فى تأثير على النوم. و فى وسواس اتجاه كل حاجه أنها لازم تكون صح و فى مكانها و اعراض كتير جدا. محدش بيفهم ليه طالما مفيش عائد أو مكسب او مش محتاجه انى اشتغل أو أرهق نفسى
أ.س تعمل في مجال الإعلام
المشكلة مع مسألة الادمان على العمل تكمن أيضًا في الرأي السائد داخل المجتمع، الذي يفيد بأنه لا يمكن توفير الضمان المادي والحياة الرغدة من دون العمل الشاق. إلا أن الأطباء النفسيين يحذرون بأنه في هذه الحالة غالبًا ما يبدّل الناس العمل الفعال بالوقت الكلي المخصص للعمل، إذ يشعر الناس غالبا بأنهم إذا قضوا وقتًا أطول في العمل، سيقدمون أداء أفضل ويحصلون بالتالي على التعويض المطلوب.
هل النساء أكثر عرضة للإصابة بإدمان العمل؟
يعاني كل من الرجال والنساء من إدمان العمل وضغوط العمل. لكن تظهر الأبحاث أن النساء تميل إلى تجربة إدمان العمل أكثر، ويبدو أن صحتهن أكثر عرضة للخطر.
ميل النساء إلى المعاناة من مستويات أعلى بكثير من التوتر والقلق والاكتئاب المرتبط بالعمل مقارنة بالرجال ، مع التمييز الجنسي في مكان العمل والمسؤوليات العائلية التي توفر ضغوطًا مهنية إضافية
تواجه النساء أيضًا في كثير من الأحيان ضغطًا إضافيًا في مكان العمل بسبب شعورهن بما يلي
- يجب أن يعملوا بكد ولمدد طويلة لإثبات أنهم جيدون مثل زملائهم الذكور
- غياب التقدير والتقييم العادل
- مواجهة عدم المساواة في الأجر
- الإفتقار إلى الدعم الإداري
- محاولة إثبات أن الحياة الأسرية لم تؤثر سلبيًا على عملها
- الحاجة للقيام بكل شئ بشكل صحيح
والآن ما الذي يمكن أن نفعله حيال إدمان العمل؟
- خصص بعض الوقت خارج العمل, واعمل لكى تستمتع بوقتك الخاص.
- وجه طاقتك باتجاه نواحى اخرى بحياتك، كعائلتك، اصدقائك، وهواياتك. وتاكد انك تحقق التوازن بين الحياة والعمل.
- قم دائما بتقدير التطور الذى تقوم به, ولكن خذ الوقت لكى تكافئ نفسك بالتوقف لفترة
التعافي من إدمان العمل ممكن. إذا كنت تعتقد أنك تعاني من إدمان العمل ولكنك غير متأكد من كيفية اتخاذ الخطوة الأولى نحو التعافي، فحدد موعدًا مع معالج مختص. سيكونون قادرين على مساعدتك في تقييم ميولك نحو إدمان العمل ووضع خطة علاج.