الفترة الانتقالية بعد التخرج تعتبر من أكثر الفترات صعوبة على العديد من الشباب، وقد يمر الكثيرون بما يسمّى اكتئاب ما بعد التخرج. وهو حالة تحدث بسبب الإحباط والصدام المفاجئ مع سوق العمل أو صعوبة إيجاد وظيفة مناسبة، أو حتى لاختلاف توقعاتهم عمّا وجدوه في أرض الواقع، ولكن، ما هو اكتئاب ما بعد التخرج حقاً وما هي أعراضه؟ وكيف يمكننا تجنبه أو التخلص منه؟
هل يوجد اكتئاب ما بعد التخرج؟
لفهم ما هو اضطراب ما بعد التخرج أو ما هو اكتئاب النجاح، يمكننا أن نتطرق بشكل بسيط لمفهوم الاكتئاب في العموم. الاكتئاب هو مصطلح عام يستخدم لوصف الشعور بانخفاض الحالة المزاجية وانخفاض الطاقة لوقت طويل وانخفاض أو انعدام الاستمتاع بالأنشطة التي كان الشخص يستمتع بها. وهناك العديد من أنواع الاكتئاب التي يمكن أن تؤثر تقريبًا على جميع جوانب حياة الشخص وأدائه.
اكتئاب ما بعد التخرج هو شكل من أشكال الاكتئاب الظرفية التي تظهر بعد إنهاء الكلية أو التعليم الأكاديمي. في بعض الحالات، يكون الاكتئاب بالفعل أكثر شيوعًا لدى طلاب الجامعات. علاوة على ذلك، قد يكون حدث التخرج صعبًا لدرجة أنه يطغى على قدرة الفرد على التأقلم. وقد يمنع البعض من البحث عن وظيفة جيدة أو يجعلهم غير قادرين على تأدية المهام المطلوبة منهم في وظائفهم.
كيف تبدو أعراض اكتئاب ما بعد التخرج؟
قد تتشابه علامات اضطراب ما بعد التخرج مع أنواع أخرى كم الاكتئاب في السمات العامة من حيث فقدان الطاقة واليأس أو الحزن الدائمين وغيرها، ويمكننا توضيح ذلك بشكل أكبر فيما يلي:
- الشعور بالحزن والإحباط: من أكثر العلامات شيوعًا للاكتئاب بعد التخرج الشعور المستمر بالحزن أو اليأس. قد يشعر الخريجون كما لو أنهم في متاهة أو أن جهودهم لا تؤتي ثمارها. قد يشعرون أيضًا كما لو أنهم لا يرقون إلى مستوى التوقعات المجتمعية المطلوبة منهم أو أن إنجازاتهم ليست ذات مغزى.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة التي تمتعت بها سابقًا: من الأعراض الشائعة الأخرى لاكتئاب ما بعد التخرج فقدان الاهتمام بالأنشطة أو الهوايات التي كانت ممتعة في السابق. قد يجد الخريجون أنه لم يعد لديهم الدافع أو الطاقة لمتابعة هذه الأنشطة وقد يشعرون كما لو أنهم يضيعون وقتهم.
- التغييرات في الشهية أو أنماط النوم: قد يعاني بعض الخريجين أيضًا من تغيرات في شهيتهم أو أنماط نومهم. قد يكافحون من أجل النوم أو البقاء أو الحفاظ على نوم سليم وعميق، مما يؤدي إلى الشعور بالتعب أو الإرهاق. وهناك من قد يجدون أنفسهم ينامون بشكل مفرط ويكافحون من أجل البقاء مستيقظين أثناء النهار. كما يمكن أن يعانوا من اضطرابات في الشهية مثل الإفراط في تناول الطعام أو عدم تناول ما يكفي من الطعام.
- التعب أو نقص الطاقة: قد يشعر الخريجون المصابون باكتئاب ما بعد التخرج بالتعب أو الإرهاق معظم الوقت. قد يجدون صعوبة في إكمال المهام البسيطة أو لا يجدون لديهم الدافع للانخراط في الأنشطة.
- صعوبة التركيز أو اتخاذ القرارات: قد يجد الخريجون أيضًا صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرارات. قد يشعرون كما لو أن أفكارهم مبعثرة أو أنهم غير قادرين على التركيز على أي مهمة واحدة لفترة طويلة من الزمن.
لكن ما هي أسباب اكتئاب ما بعد التخرج؟ وكيف يمكننا التعامل معه!
أسباب الاكتئاب بعد التخرج
- عدم وجود اتجاه أو هدف واضح بعد التخرج: بدون إحساس واضح أو هدف، قد يكون من الصعب معرفة من أين تبدأ أو ما هي الخطوات التي يجب اتخاذها بعد التخرج. لذلك يتعرض الخريجون الذين لا يمتلكون هدفاً أو خططاً مستقبلية لهذا الاكتئاب بمعدل كبير.
- الضغط لتحقيق النجاح وتلبية التوقعات: يشعر العديد من الخريجين بالضغط النفسي لتحقيق النجاح وتلبية توقعاتهم والآخرين. هذا يمكن أن يؤدي إلى الشعور بعدم الكفاءة أو الفشل إذا لم تتحقق تلك التوقعات.
- التغييرات في العلاقات الاجتماعية: يمكن أن يعني التخرج أيضًا تغييرات مهمة في دوائر الدعم الاجتماعي، مثل الابتعاد عن الأصدقاء والعائلة أو ترك الدعم الذي يقدمه الأساتذة وزملاء الدراسة. قد يكون هذا تحديًا بشكل خاص لأولئك الذين يعانون من القلق الاجتماعي أو يجدون صعوبة في تكوين روابط جديدة.
- المخاوف المالية والتوتر: يمكن أن يكون الضغط المالي الناجم عن سداد قروض الدراسة، والعثور على وظيفة، والانتقال إلى مرحلة جديدة من الحياة، أمرًا هائلاً للعديد من الخريجين الجدد. يمكن للمخاوف المالية أن تحد من خياراتهم وتؤدي إلى الشعور باليأس أو الإحباط.
- الشعور بالعزلة والوحدة: يجد العديد من الخريجين أنفسهم يشعرون بالعزلة والوحدة بعد أن تركوا وراءهم المجتمعات الاجتماعية والأكاديمية التي كانوا جزءًا منها لسنوات.
وللتعامل مع هذه الحالة، يبدأ البعض في البحث عن عمل بشكل مكثف لاكتساب الشعور بالقيمة والإنجاز والتخلص من شعور الفشل أو الإحباط. بينما قد لا يكون هذا الحل قد لا يكون مناسباً للجميع، بل إنه في بعض الحالات قد يزيد الأمر سوءًا. حيث أن السعي لإيجاد أي عمل دون خطة أو هدف واضح، أو البحث عن وظيفة لمجرد الهروب من الاكتئاب. سيسبب المزيد من الضغط النفسي والعصبي وبالتالي قد يؤدي إلى زيادة شعور الاكتتئاب بدلاً من علاجه.
إذًا، كيف يمكننا تجاوز الاكتئاب بعد التخرج؟
كيف اتخلص من اكتئاب ما بعد التخرج؟
هناك العديد من الخطوات والاستراتيجيات التي يمكن اتباعها للتعامل مع اكتئاب ما بعد التخرج، بدايةً من كيفية التأقلم مع تلك المشاعر ووصولاً للتغلب عليها وتجاوزها.
وفيما يلي بعض الاقتراحات التي يمكنك اتباعها للتغلب على اكتئاب التخرج:
- التواصل مع الآخرين: يمكن أن يساعد التواصل مع الأصدقاء أو العائلة أو مجموعة الدعم في تخفيف مشاعر العزلة والوحدة. كما يمكن أن توفر أيضًا مشاركة تجاربك مع الآخرين الذين يمرون بموقف مماثل شعورًا بالتحقق والدعم.
- ضع أهدافًا قابلة للتحقيق: يمكن أن يساعد تحديد أهداف صغيرة قابلة للتحقيق في بناء شعور بالهدف والإنجاز. من المهم أن تتذكر أن التقدم يستغرق وقتًا. وحتى الخطوات الصغيرة يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا.
- اعتنِ بنفسك جيدًا: تعتبر العناية بصحتك الجسدية والعاطفية أمرًا مهمًا في إدارة اكتئاب ما بعد التخرج. يمكن أن يشمل ذلك ممارسة التمارين الرياضية بانتظام واتباع نظام غذائي صحي وممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو اليوجا.
- متابعة الاهتمامات والهوايات: من ناحية أخرى، يمكن أن يساعد الانخراط في الأنشطة التي تجلب الفرح والرضا في مكافحة مشاعر الإحباط والخمول. يمكن أن تساعد متابعة الاهتمامات والهوايات أيضًا في بناء شعور بالهوية والهدف خارج دائرة العمل والدراسة.
- إدارة التوتر: يمكن أن يؤدي التوتر إلى تفاقم أعراض الاكتئاب، لذلك من المهم إيجاد طرق صحية لإدارة التوتر. يمكن أن يشمل ذلك ممارسة إدارة الوقت وتحديد أولويات المهام وأخذ فترات راحة عند الحاجة.
- كن إيجابيا: التركيز على الجوانب الإيجابية للحياة يمكن أن يساعد في مكافحة الأفكار والعواطف السلبية. على سبيل المثال يمكن أن يشمل ذلك ممارسة الامتنان أو التأكيدات أو التحدث الذاتي الإيجابي.
- اطلب المساعدة المتخصصة: من المهم طلب المساعدة المتخصصة إذا كنت تعاني من أعراض اكتئاب ما بعد التخرج. يمكن أن يشمل ذلك التحدث إلى معالج أو مستشار أو أخصائي صحة عقلية يمكنه تقديم الدعم والإرشاد وخيارات العلاج.
في النهاية، الشعور بالإحباط والاكتئاب بعد التخرج أو عند الاصطدام بالحياة العملية هو أمرٌ شائع ويمر به الكثير من الشباب في بدايةً حياتهم المهنية. لذلك لا تحمّل الأمر فوق ما يستحق، ولا تتردد في طلب الإرشاد أو المساعدة فور شعورك بذلك. قد تساعدك الاستشارات المهنية على التغلب على هذا الشعور والانطلاق نحو الحياة العملية بثقة أكبر، لأن الاكتئاب قد يتسبب في ضياع العديد من الفرص.إذا كنت تبحث عن وظيفة، تفحص الفرص المتاحة على موقع جوبزيلا.